تصفية خاشقجي

بين غضب الغرب وابتزاز ترامب

  • بين غضب الغرب وابتزاز ترامب

اخرى قبل 6 سنة

محمد جبر ريفي  مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول  بتركيا على يد فريق أمني سعودي بأمر من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لن يؤثر على  العلاقات السعودية الأمريكية كما يذهب بعض المحللين السياسيين الغربيين وغيرهم  لأن العلاقات بين البلدين علاقات استراتيجية لا تتأثر بالأزمات الوقتية الطارئة وذلك بسبب التبعية الكاملة للنظام السعودي التي تربطه بالغرب وبواشنطن بشكل خاص كل العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية  منذ تأسيس المملكة على يد الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود ولكن من المؤكد أن الإدارة الأمريكية لن تستطيع تبرئة المملكة من حادثة قتل جمال الخاشقجي لأن تهمة القتل في القنصلية السعودية باسطنبول  قد توصلت إليها  التحقيقات التركية وهي في انتظار الإعلان رسميا عنها  من قبل  وزارة الخارجية التركية باعتبار أن واقعة الاختفاء والقتل تم باطلاع القنصل السعودي محمد العتيبي نفسه أي أن الجريمة البشعة  لها علاقة بالتمثيل الدبلوماسي بين البلدين   لكن الإدارة الأمريكية  بالمقابل  سوف تسعى لوضع مخرجا  للنظام السعودي  يلطف من حدة الحملة الأوروبية والدولية وفي الكونجرس الأمريكي ايضا  التي وصلت إلى  حد الغضب إزاء الأسرة الملكية الحاكمة و المطالبة بفرض عقوبات اقتصادية   على المملكة دفاعا عن حقوق الإنسان..السناريو  الأمريكي التي تحاول واشنطن تسويقه في حادثة اختطاف ومقتل الخاشقجي هو محاولة ابعاد التهمة عن ولي العهد السعودي التي وصفته بعض أجهزة الإعلام الغربية بأنه شخصية سامة يجب أبعاده عن ولاية العهد حتى لا يصبح في حال رحيل والده ملكا للدولة  وذلك  بالادعاء بأن  الذين قاموا بالاختطاف والقتل في القنصلية هم مجموعة من المجرمين  وقد صرح الرئيس الأمريكي ترامب في هذا الخصوص  بالقول بأن الذين قاموا بقتل الخاشقجي هم مجموعة من المارقين الذي  يجب محاكمتهم  وسوف يكون هذا المسعى الأمريكي لإبعاد التهمة عن ولي العهد السعودي  في اطار الابتزاز المالي الأمريكي المتواصل للسعودية  حماية  لها  من الجار الإيراني القوي الذي يقوم بتطويقها من الجنوب في اليمن على يد الحوثيين وفي الشمال في العراق على يد النظام الطائفي الشيعي وكذلك في التواجد العسكري في سوريا دفاعا عن نظام بشار الأسد الذي تسيطر عليه الطائفة العلوية الشيعية وكذلك ايضا للمحافظة على صفقة الأسلحة الأمريكية للسعودية التي تقدر بعشرات المليارات والتي ترتفع المطالبة  من بعض نواب الحزب الديموقراطي في الكونجرس ومجلس الشيوخ بإلغائها في اطار العقوبات الاقتصادية  . . ان الأموال مقابل الحماية هو  الخطاب السياسي الاقتصادي الأمريكي  الذي كثيرا ما أخذ  يتردد الآن  على لسان الرئيس ترامب التي ما زالت تسيطر على عقيلته السياسية  عقد الصفقات المالية والتجارية  باعتباره رجل الاعمال والمقاول الكبير  تأكيدا منه  على تحقيق  المصلحة القومية الأمريكية في السعي لتسخير أموال النفط السعودية والخليجية بصفة عامة في التغلب على الأزمات الإقتصادية التي تعاني منها البلاد والتي بدأت تؤثر على قيمة الدولار الأمريكي في الأسواق المالية وتأتي حادثة قتل الخاشقجي الشنيعة سيئة التخطيط وبشعة التنفيذ وعديمة الإحتراف   والتي أثارت ضجة من المعارضة على المستوى الدولي لممارسات النظام السعودي المتخلف حضاريا و التي وصفت بالقمع  وتصدير الإرهاب   لتوفر المناخ المناسب لتحقيق هذا الطلب الذي يسعى إليه الرئيس ترامب في وقت الاستعداد لحملة الانتخابات النصفية  في الكونجرس ومجلس الشيوخ  بشأن اعادة انتخابه من جديد بفوز الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه وقد سخرت الإدارة الأمريكية أجهزة الإعلام لتحقيق هذا الغرض من خلال اهتمام الصحافة الأمريكية ووكالة CNN الأمريكية لتغطية موضوع الخاشقجي لدفع المواطن الأمريكي للاهتمام بهذه القضية الدولية حيث عرف عنه  متابعته دائما للقضايا المحلية وقليلا ما تلفت اهتمامه القضايا الدولية ..  على هامش تصفية الخاشقجي يتضح  ان الولايات المتحدة لن تضحي بعلاقاتها الاستراتيجية مع الدول التي تربطها بها  علاقات التبعية من أجل ما يشاع دائما في الغرب الراسمالي عن الدفاع عن حقوق الإنسان ففي وقائع كثيرة للاختطاف والقتل  لم تثر  الإدارة الأمريكية في عهد الرؤساء السابقين  أي  ضجة إعلامية بمستوى وبحجم  ما يحدث الآن وذلك يعود في الغالب لسببين أولهما  : اما لأن شخصية  المخطوف كونه  معارض ثوري لنظام بلاده السياسي إضافة لموقفه المعادي  للسياسة الأمريكية على النطاق الدولي   كواقعة اختطاف ثم قتل  المعارض السعودي ناصر السعيد الذي وثق فضائح ال سعود في كتابه الشهير تاريخ ال سعود وبه إثبات حقيقة الأصول اليهودية للأسرة السعودية الحاكمة  وايضا كحادثة اختطاف المعارض الكردي التركي عبد الله أوجلان زعيم حزب العمال الكردي الماركسي على يد المخابرات التركية .. وثانيهما أما لأن دولة المعارض المخطوف دولة فقيرة ليست محلا للابتزاز المالي كما حدث لواقعة اختطاف المهدي بن بركة  المعارض المغربي في باريس والتخلص منه ..هكذا  فحقوق الإنسان لا تهم الإدارة الأمريكية بقدر ما يهمها الابتزاز المالي للدول الغنية خاصة للدول النفطية الخليجية  كما أن  المواطن الأمريكي خلافا للمواطن الأوروبي والغربي عموما  لا تهمه قضية الدفاع عن الحريات  بقدر ما تهمه قضية الضرائب والضمان الاجتماعي والتأمين الصحي وغير ذلك من وسائل توفير الرفاهية وبحبوحة العيش له في النظام الرأسمالي الامريكي الذي يستمد قدرته في  توفير الحاجات المعيشية للسكان  على عملية النهب الاحتكاري  المنظمة  التي تقوم بها الشركات الامبريالية . .  

التعليقات على خبر: بين غضب الغرب وابتزاز ترامب

حمل التطبيق الأن